فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروي عن عمر أنه قيل له: لوأمرتَ أن نصنع لك طعاما ألين من هذا. فقال: إني سمعت الله عيَّر أقواما فقال: {أذْهَبْتُمْ طيِّباتكم في حياتكم الُّدنيا}.
قوله تعالى: {تَسْتَكْبِرونَ في الأرض} أي: تتكبَّرون عن عبادة الله والآيمان به. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق}.
أي بالعدل {وأجل مسمى} يعني يوم القيامة وهو الأجل الذي ينتهي إليه فناء السموات والأرض {والذين كفروا عما أنذروا} أي خوفوا به في القرآن من البعث والحساب {معرضون} أي لا يؤمنون به {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله} يعني الأصنام {أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا} أي بكتاب جاءكم من الله قبل القرآن فيه بيان ما تقولون {أو أثارة من علم} أي بقية من علم يؤثر عن الأولين ويسند إليهم وقيل برواية عن علم الأنبياء وقيل علامة من علم وقيل هو الخط وهو خط كانت العرب تخطه في الأرض {إن كنتم صادقين} أي في أن لله شريكًا {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له} يعني الأصنام لا تجيب عابد بها إلى شيء يسألونها {إلى يوم القيامة} يعني لا تجيب أبدًا ما دامت الدنيا {وهم من دعائهم غافلون} يعني لأنها جمادات لا تسمع ولا تفهم {وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} أي جاحدين {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين} سموا القرآن سحرًا {أم يقولون افتراه} أي اختلق القرآن محمد من قبل نفسه قال الله: {قل} يا محمد {إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئًا} أي لا تقدرون أن تردوا عني عذابه إن عذبني على افترائي فكيف أفتري على الله من أجلكم {هوأعلم} أي الله أعلم {بما تفيضون فيه} أي تخوضون فيه من التكذيب بالقرآن والقول فيه أنه سحر {كفى به شهيدًا بيني وبينكم} أي إن القرآن جاء من عنده {وهوالغفور الرحيم} أي في تأخير العذاب عنكم وقيل هودعاء لهم إلى التوبة ومعناه أنه غفور لمن تاب منكم رحيم به.
قوله تعالى: {قل} يا محمد {ما كنت بدعًا} أي بديعًا {من الرسل} أي لست بأول مرسل قد بعث قبلي كثير من الأنبياء فكيف تنكرون نبوتي {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقيل معناه ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة ولما نزلت هذه الآية فرح المشركون وقالوا واللات والعزى ما أمرنا وأمر محمد عند الله إلا واحد وما له علينا من مزية وفضل ولولا أنه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به فأنزل الله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقالت الصحابة هنيئًا لك يا نبي الله قد علمت ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} الآية وأنزل {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلًا كبيرًا} فبين الله ما يفعل به وبهم وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة قالوا: إنما قال هذا قبل أن يخبر بغفران ذنبه وإنما أخبر بغفران ذنبه عام الحديبية فنسخ ذلك (خ) «عن خارجة بن زيد بن ثابت أن أم العلاء امرأة من الأنصار وكانت بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعة قالت فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه. فقلت: بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي قالت فوالله لا أزكي بعده أحد يا رسول قالت ورأيت لعثمان في النوم عينًا تجري فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ذاك عمله» وفي رواية غير البخاري قالت «لما قدم المهاجرون المدينة اقترعت الأنصار على سكناهم قالت فطار لنا عثمان بن مظعون وفيه والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم وقيل في معنى قوله ما أدري ما يفعل بي ولا بكم هذا في الدنيا أما في الآخرة فقد علم أنه في الجنة وأن من كذبه في النار» فعلى هذا الوجه فقد اختلفوا فيه فقال ابن عباس لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو بمكة أرض ذات سباخ ونخل رفعت له يهاجر إليها فقال له أصحابه متى تهاجر إلى الأرض التي أريت فسكت فأنزل الله هذه الآية وما أدري ما يفعل بي ولا بكم أأترك في مكاني أم أخرج وأنا وأنتم إلى الأرض التي رفعت لي وقيل لا أرى إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدنيا أما أنا فلا أدري أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي أم أقتل كما قتل بعض الأنبياء من قبلي وأما أنتم أيها المصدقون فلا أدري أتخرجون معي أم تتركون أم ماذا يفعل بكم ولا أدري ما يفعل بكم أيها المكذبون أترمون بالحجارة من السماء أم يخسف بكم أم أي شيء يفعل بكم مما فعل بالأمم المكذبة ثم أخبره الله أن يظهر دينه على الأديان كلها فقال تعالى: {قل أرأيتم} أي أخبروني ماذا تقولون {إن كان من عند الله} يعني القرآن {وكفرتم به} أيها المشركون {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} أي أنه من عند الله {فآمن} يعني الشاهد {واستكبرتم} أي عن الآيمان به والمعنى إذا كان الأمر كذلك أليس قد ظلمتم وتعديتم {إن الله لا يهدي القوم الظالمين} واختلفوا في هذا الشاهد فقيل هو عبد الله بن سلام امن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشهد بصحة نبوته واستكبر اليهود فلم يؤمنويدل عليه ما روى عن أنس بن مالك قال: «بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهو في أرض يخترف النخل فأتاه وقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني بهن آنفًا جبريل قال فقال عبد الله ذاك عدواليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية {من كان عدوًا لجبريل فإنه نزله على قلبك} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت. وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبقت كان الشبه لها قال أشهد أنك رسول الله ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رجل فيكم عبد الله بن سلام فقالوا أعلمنا وابن أعلمنا وخيرنا وابن خيرنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرأيتم إن أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك زاد في رواية فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك فخرج عبد الله إليهم فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه»
زاد في رواية «فقال يعني عبد الله بن سلام هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله» أخرجه البخاري في صحيحه (ق).
«عن سعد بن أبي وقاص قال ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لحي يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام قال وفيه نزلت وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله» قال الراوي لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث وقيل الشاهد هو موسى بن عمران عليه السلام قال مسروق في هذه الآية والله ما نزلت في عبد الله بن سلام لأن ال حم نزلت بمكة وإنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة ونزلت الآية في محاجة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه ومثل القرآن التوراة فشهد موسى على التوراة ومحمد على القرآن وكل يصدق الآخر فيكون المعنى وشهد موسى على التوراة التي هي مثل القرآن إنها من عند الله كما شهد محمد صلى الله على القرآن أنه كلام الله فآمن من امن بموسى والتوراة واستكبرتم أنتم يا معشر العرب أن تؤمنوا بمحمد والقرآن إن لا يهدي القوم الظالمين.
قوله تعالى: {وقال الذين كفروا} يعني من اليهود {للذين آمنوا لوكان خيرًا} يعني دين محمد صلى الله عليه وسلم: {ما سبقونا إليه} يعنون عبد الله بن سلام وأصحابه. وقيل نزلت في مشركي مكة قالوا لوكان ما يدعونا إليه محمد خيرًا ما سبقنا إليه فلان وقيل الذين كفروا أسد وغطفان قالوا للذين آمنوا يعني جهينة ومزينة لوكان ما جاء به محمد خيرًا ما سبقنا إليه رعاء البهم قال الله تعالى: {وإذ لم يهتدوا به} يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الآيمان {فسيقولون هذا إفك قديم} يعني كذب متقدم {ومن قبله} يعني من قبل القرآن {كتاب موسى} يعني التوراة {إمامًا} يعني جعلناه إمامًا يقتدى به {ورحمة} يعني من الله لمن امن به {وهذا كتاب} يعني القرآن {مصدق} يعني للكتب التي قبله {لسانًا عربيًّا لينذر الذين ظلموا} يعني مشركي مكة {وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون} تقدم تفسيره.
قوله: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا} أي يوصل إليهما إحسانًا وهو ضد الإساءة {حملته أمه كرهًا} يعني حين أثقلت وثقل عليها الولد {ووضعته كرهًا} يريد شدة الطلق {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} يعني ومدة حمله إلى أن ينفصل من الرضاع وهو الفطام ثلاثون شهرًا.
فأقل مدة الحمل ستة أشهر وأكثر مدة الرضاع أربعة وعشرون شهرًا.
قال ابن عباس: إذا حملت المرأة تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهرًا وإذا حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرًا {حتى إذا بلغ أشده} أي نهاية قوته وغاية شبابه واستوائه وهو ما بين ثمان عشرة سنة إلى أربعين سنة وهو قوله تعالى: {وبلغ أربعين سنة} قيل: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص وقد تقدمت القصة.
وقيل إنها على العموم والأصح أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وذلك أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة في تجارة إلى الشام فنزلوا منزلًا فيه سدرة فقعد النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين فقال له الراهب من الرجل الذي في ظل السدرة فقال هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال الراهب: هذا والله نبي وما استظل تحتها بعد عيسى أحد إلا هذا وهو نبي آخر الزمان. فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق. فكان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ولا حضر. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة أكرمه الله تعالى بنبوته واختصه برسالته فآمن به أبو بكر وصدقه وهو ابن ثمان وثلاثين سنة فلما بلغ أربعين سنة دعا ربه: {قال رب أوزعني} أي ألهمني {أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي} أي بالإيمان والهداية.
{أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا} يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا وكلها حسن فالأحسن بمعنى الحسن فيثيبهم عليها ويتجاوز عن سيئاتهم فلا يؤاخذهم بها {في أصحاب الجنة} أي مع أصحاب الجنة {وعد الصدق} يعني الذي وعدهم بأن يتقبل حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم ووعده صدق وقيل: وعدهم بأن يدخلهم الجنة {الذي كانوا يوعدون} يعني في الدنيا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {والذي قال لوالديه} يعني إذ دعواه إلى الآيمان بالله والإقرأر بالبعث بعد الموت {أفٍّ لكما} وهي كلمة كراهية {أتعدانني أن أخرج} يعني من قبري حيًا {وقد خلت القرون من قبلي} يعني فلم يبعث منهم أحد {وهما يستغيثان الله} يعني يستصرخان بالله عليه ويقولان له {ويلك آمن إن وعد الله حق} يعني بالبعث {فيقول ما هذا} يعني الذي تدعونني إليه {إلا أساطير الأولين} قال ابن عباس نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه وكان أبواه يدعوانه إلى الإسلام وهو يأبى ويقول أحيوا لي عبد الله بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ قريش حتى أسألهم عما تقولون.
وأنكرت عائشة أن يكون قد نزل هذا في عبد الرحمن بن أبي بكر (خ).
عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له. فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا. فقال: خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه. فقال له مروان: هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا ما أنزل الله في سورة النور من براءتي والقول الصحيح أنه ليس المراد من الآية شخص معين بل المراد كل شخص كان موصوفًا بهذه الصفة وهو كل من دعاه أبواه إلى الدين الصحيح والآيمان بالبعث فأبى وأنكر.
وقيل نزلت في كل كافر عاقٍّ لوالديه قال الزجاج: قول من قال إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه.
{أولئك الذين حق عليهم القول} أعلم الله أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب وعبد الرحمن مؤمن من أفاضل المؤمنين فلا يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب أي وجب عليهم العذاب {في أمم} أي مع أمم {قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ولكل درجات مما عملوا} قال ابن عباس: يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممن تخلف عنه ولوساعة وقيل لكل واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين والبار والعاق درجات يعني منازل ومراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم فيجازيهم عليها قيل درجات الجنة تذهب إلى علو ودرجات النار تذهب إلى أسفل {وليوفيهم أعمالهم} يعني جزاء أعمالهم {وهم لا يظلمون} قوله: {ويوم يعرض الذين كفروا على النار} يعني يجاء بهم فيكشف لهم عنها ويقال لهم {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} يعني أن كل ما قدر لكم من الطيبات واللذات فقد أفنيتموه في الدنيا وتمتعتم به فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم منها شيء {فاليوم تجزون عذاب الهون} أي الذي فيه ذل وخزي {بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون} علق هذا العذاب بأمرين. أحدهما: الاستكبار وهو الترفع. ويحتمل أن يكون عن الآيمان. والثاني: الفسق وهو المعاصي. والأول من عمل القلوب. والثاني من عمل الجوارح.
فصل:
لما وبخ الله تعالى الكافرين بالتمتع بالطيبات. اثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة (ق) «عن عمر بن الخطاب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير قد أثر في جنبه. فقلت: أستأنس يا رسول الله. قال: نعم فجلست. فرفعت رأسي في البيت. فوالله ما رأيت فيه شيئًا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة. فقلت: ادع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم ولا يعبدون الله فاستوى جالسًا ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت استغفر لي يا رسول الله».
(ق) «عن عائشة قالت: ما شبع ال محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم».
(ق) «عنها قالت: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا إنما هو الأسودان التمر والماء إلا أن نؤتى باللحيم» وفي رواية أخرى قالت: «إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قال عروة: قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا» عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير» أخرجه الترمذي و له عن أنس قال: قال رسول الله لقد أخفت في الله ما لم يخف أحد وأوذيت في الله ما لم يؤذ أحد ولقد أتى على ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي و لبلال طعام إلا شيء يواري إبط بلال.